توحيد الصفات
تعريفة
ويجب الاعتقاد بأن صفاته الثبوتية عين ذاته ، ولا يتصف بتلك الصفات غيره ، ولا يشاركه فيها أحد وهي ستة : ( العلم والقدرة والحياة والسمع والبصر والقدم ) .
وهاك تفصيلها :
الأول : العلم . يجب الاعتقاد بأن الله تبارك وتعالى عالم بجميع الأمور والأشياء كليها وجزئيها كبيرها وصغيرها ، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات والأرض . عالم بالموجودات قبل وجودها ، وعلمه بالشيء قبل وجوده كعلمه به بعد وجوده ، ليس فيه تغيير ولا تبديل بل هو عين ذاته ، وليس لما سواه في هذا العلم حظ ولا نصيب .
نعم هناك علم حادث خلقه ونسبه إلى نفسه ، واستودعه في ألواح نفوس من أحب وشاء من الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين وعباده الصالحين ، وأشـار بهـذا العلم في كتـابه العـزيز بقـوله : ( ... ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ... ) .
الثاني : القدرة . يجب الاعتقاد بأنه تعالى قادر وفاعل مختار والقدرة عين ذاته ، ولو لم يكن قادرا لكان عاجزا والعجز من صفات الحادث ، ولو لم يكن مختارا لكان مضطرا ، والاضطرار أيضاً علامة العجز والذل ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون .
الثالث : الحياة . يجب الاعتقاد بان الله حي ، لأنه هو الذي وهب الحياة وخلق الأرض والسماوات : ( هو الحي لا إله إلا هو ... ) . ولا يخلق الخلق ولا يهب الحياة إلا الحي القيوم الدائم . والموت من صفات الحادث ولا يتصف القديم به أبداً .
الرابع والخامس : السمع والبصر . يجب الاعتقاد بأنه تعالى سميع وبصير والسمع والبصر عين ذاته ، يسمع أصوات الداعين وتسبيح المسبحين ومناجاتهم . ويبصر جميع مخلوقاته ويرى أعمالهم ويحيط بأسرارهم من دون آلة السمع والبصر . ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ) . ولو كان سمعه وبصره بواسطة عضو وجارحة كأسماعنا وأبصارنا لثبت احتياجه لهما ، هو الغني والمنـزّه عن الاحتياج الذي هو من صفات الحادث الضعيف .
السادس : القدم . يجب الاعتقاد بأنه تعالى قديم أزلي ليس بحادث ، لأن الحادث لا بد له من موجد ولا بد له من التغيير والموت والعدم سبحانه وتعالى عن هذه الصفات لأنها صفات الممكن ، والواجب منـزّه عنها وهو القديم الأزلي الأبدي ليس قبله شيء ولا بعده شيء ، وليس كمثله شيء .
تتمة : هذا وجماعة من الحكماء ألحق بالصفات الثبوتية الكرم ولا بأس به وبعضهم ألحق بها الإدراك وليس بشيء لأنه فرع العلم ، وقد قلنا إن العلم من صفاته الذاتية .
الإرادة حادثة :
وبعضهم ألحق بها الإرادة واشتبهوا ، لأن الإرادة مخلوقة كما قال بها الكليني رضوان الله عليه وروى عدة أحاديث في حدوثها .
والإرادة هي الرتبة الثـانية للمشيئة وجاء فيها ( خلق الله المشيئة بنفسها وخلق الأشياء بالمشيئة ) وهذا الخبر يدل على حدوث المشيئة فحدوث الإرادة التي هي فرع المشيئة بطريق أولى ، وأيضاً تمتاز الصفات الذاتية الثبوتية عن غيرها بأنها لا تسلب ولا تفارق الذات ، ليس لك أن تقول علم الله ولم يعلم ، قدر ولم يقدر ، سمع ولم يسمع ، ولكنك تقول شاء ولم يشـأ ، أراد ولـم يرد أحب ولم يحب ، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن . ( ... لم يرد الله أن يطهر قلوبهم ... ) ( ... إن الله لا يحب كل مختال فخور ) . والسلام على من اتبع الهدى .
|