عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 04-27-2010, 05:38 PM
فلسفة واقعنا... فلسفة واقعنا غير متواجد حالياً
VIB
 







افتراضي

مقدّمات النهضة
ويُحبَس المختار مرّةً أُخرى.. فيكتب كتاباً إلى أصحاب سليمان بن صُرَد الخُزاعيّ من الحبس: أمّا بعد، فإنّ الله أعظَمَ لكمُ الأجر، وحطّ عنكم الوِزْر، بمفارقة القاسطين، وجهاد المُحلّين. إنّكم لن تُنفقوا نفقةً ولم تقطعوا عقبة، ولم تخطوا خُطوة.. إلاّ رفعَ الله لكم بها درجة، وكتب لكم حسنة. فأبشِروا، فإنّي لو خرجتُ إليكم جرّدت فيما بين المشرق والمغرب من عدوِّكم بالسيف بإذن الله، فجعلتُهم رُكاما، وقتلتُهم فَذّاً وتوأما، فرحّب اللهُ لمَن قارب واهتدى، ولا يُبعِد اللهُ إلاّ مَن عصى وأبى، والسلام عليكم يا أهل الهدى.
فلمّا جاء كتابه وقف عليه جماعة من رؤساء القبائل، وأعادوا الجواب: قرأنا كتابك.. ونحن حيث يَسرُّك، فإن شئت أن نأتيَك حتّى نُخرجك من الحبس فَعَلْنا. فأخبره الرسول فسُرّ المختار باجتماع الشيعة له، وقال: لا تفعلوا هذا؛ فإنّي أخرج في أيّامي هذه.
وكان المختار قد بعث إلى عبدالله بن عمر: أمّا بعد، فإنّي حُبِستُ مظلوماً، وظَنّ بيَ الولاةُ ظنوناً كاذبة، فاكتبْ فِيّ ـ رحمك الله ـ إلى هذين الظالمَين، وهما: عبدالله بن يزيد، وإبراهيم بن محمّد.. كتاباً؛ عسى الله أن يخلّصني من أيديهما بلطفك ومَنّك، والسلام عليك.
فكتب إليهما عبدالله بن عمر.. فلمّا قرأا الكتاب طلبا من المختار كفلاء، فأتاه جماعة من أشراف الكوفة، فاختارا منهم عشرةً ضَمِنوه، وحلّفاه ألاّ يخرجَ عليهما.. فخرج وجاء داره...
ولمّا استقرّ في داره، اختلف الشيعة إليه واجتمعت عليه، واتّفقوا على الرضى به، وكان قد بُويع له وهو في السجن، ولم يزل يكثرون وأمرُهم يقوى ويشتدّ، حتّى عَزَل عبدُالله بن الزبير الواليَين مِن قِبَله، وهما: عبدالله بن يزيد وإبراهيم بن محمّد بن طلحة المذكورَين.
وبعث المختار إلى أصحابه فجمعهم في الدُّور حوله، وأراد أن يثب على أهل الكوفة؛ ثأراً منهم على قتلهم الإمامَ الحسين عليه السّلام. وهنا اجتمع جماعة فقالوا: إنّ المختار يريد الخروج بنا للأخذ بالثأر، وقد بايعناه، ولا نعلمُ.. أرسله إلينا محمّد بن الحنفيّة أم لا ؟! فانهضوا بنا إليه نخبره بما قَدِم به علينا، فإن رخّص لنا اتّبعناه، وإن نهانا تركناه.
فخرجوا.. وجاؤوا إلى ابن الحنفيّة، فسألهم عن الناس فخبّروه، وقالوا له: لنا إليك حاجة، قال: سرٌّ أم علانية ؟ قالوا: بل سرّ، قال: رويداً إذن. ثمّ مكث قليلاً وتنحّى ودعاهم، فبدأ عبدالرحمان بن شريح بحمد الله والثناء عليه، حتّى قال: أمّا بعد، فإنّكم أهلُ بيتٍ خصّكم الله بالفضيلة، وشرّفكم بالنبوّة، وعظّم حقَّكم على هذه الأُمّة، وقد أُصِبتُم بحُسينٍ مصيبةً عمّت المسلمين. وقد قدم المختار يزعم أنّه جاء مِن قِبلِكم، وقد دعانا إلى كتاب الله وسُنّة نبيّه، والطلبِ بدماء أهل البيت، فبايعناه على ذلك، فإن أمرتَنا باتّباعه اتّبعناه، وإن نهيتَنا اجتنبناه.
فلمّا سمع ابن الحنفيّة كلامَ عبدالرحمان بن شريح وكلام غيره، حمِد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبيّ وقال: أمّا ما ذكرتم ممّا خصّنا الله، فإنّ الفضل لله يُؤتيه مَن يشاء والله ذو الفضل العظيم. وأمّا مصيبتنا بالحسين، فذلك في الذكر الحكيم، وأمّا الطلب بدمائنا.. فقوموا بنا إلى إمامي وإمامكم عليِّ بن الحسين. فلمّا دخل ودخلوا عليه أخبر خبرهم الذي جاءوا لأجله فقال عليه السّلام لمحمّد بن الحنفيّة ( ابن أمير المؤمنين عليه السّلام ): يا عمّ، لو أنّ عبداً زنجيّاً تعصّب لنا أهلَ البيت، لَوجَبَ على الناس موازرتُه، وقد ولّيتُك هذا الأمر، فاصنعْ ما شئت.
فخرجوا وقد سمعوا كلامه وهم يقولون: أذِن لنا زِينُ العابدين عليه السّلام ومحمّدُ بن الحنفيّة. وكان المختار علم بخروجهم إلى محمّد بن الحنفيّة، وكان يريد النهوض بجماعة الشيعة قبل قدومهم، فلمّا تهيّأ ذلك له.. وكان يقول: إنّ نفيراً منكم تحيّروا وارتابوا، فإن هم أصابوا أقبلوا وأنابوا، وإن هم كُبُّوا وهابوا واعترضوا وانجابوا، فقد خسروا وهابوا. فدخل القادمون من محمّد بن الحنفيّة فقال لهم: ما وراءكم، فقد فُتنتُم وارتبتُم ؟!
فقالوا: قد أُمِرنا بنُصرتك، فقال المختار: أنا أبو إسحاق، أجمِعُوا إليَّ الشيعة. فجُمع مَن كان قريباً، فقال: يا معشرَ الشيعة، إنّ نفراً أحبّوا أن يعلموا مصداق ما جئتُ به، فخرجوا إلى إمام الهدى والنجيب المرتضى وابن المصطفى المجتبى ( يعني زينَ العابدين عليه السّلام ) فعرّفهم أنّي ظهيره ورسوله، وأمَرَكم باتّباعي وطاعتي. وقال كلاماً يرغّبهم في الطاعة والاستنفار معه، وأن يُعلِمَ الحاضرُ الغائب (3).







رد مع اقتباس